الستائر، والمقابر، وقائد المئة: ماذا يحدث حقًا في متى 27: 51-54؟

ذروة التاريخ: موت المسيح وشهادات الأحداث العجيبة

إن الذروة في الأناجيل، بل واللحظة الحاسمة في مجرى الدهور، هي أن يسوع مات! موته كان موت الموت. فبموته أُنجز الفداء مرةً واحدة وإلى الأبد. وهنا نتعلّم أن الصليب هو العلاج الوحيد للخطيئة التي أدخلها آدم إلى العالم (رومية 5:21-12). في موته على الصليب نرى الفعل الأخير لحياة كاملة في الطاعة. فقد حمل خطايانا طوعًا، وبإرادة خاضعة للآب، حتى قَبِل أن ينفصل عن الله للمرة الوحيدة في الأبدية (متى 27:46). وفي هذا العمل قدّم غفرانًا للبشرية (26:28).

لكن، لماذا إذن أضاف البشير متى الأعداد 51-54 إلى هذا المشهد، إن جاز القول، أعظم مشهد في التاريخ؟ أعتقد أن القصد هو أن يؤكّد بالأحداث العجائبية الأهمية الحاسمة لموت يسوع بالنسبة لكل التاريخ.


شهادة من الحجاب

بدأ متى بذكر انشقاق حجاب الهيكل من فوق إلى أسفل. ورغم أنه لم يحدد أيّ الحجب، إلا أنه من المرجّح أن المقصود هو الحجاب الفاصل بين قدس الأقداس والقدس. وبما أن سفر الأعمال يخبرنا أن بعض الكهنة آمنوا بالرب، فربما وصلت هذه المعلومة من خلالهم.

لكن ما الغرض من ذكر هذا الحدث؟ أرى أن متى يقصد على الأقل ثلاث حقائق عن الهيكل بعد موت يسوع:

  1. انشقاق الحجاب من فوق إلى أسفل هو عمل إلهي مباشر.

  2. يدل على غضب الله وقضائه على السلطات اليهودية بسبب جريمتهم ضد المسيح.

  3. يرمز إلى فتح الطريق إلى محضر الله بلا قيود، إذ بموته ألغى الذبائح والكهنوت (ومعه الحجاب)، وفتح للجميع طريق الدخول (عبرانيين 10:20-19).

وبهذا، يؤكد متى أن موت يسوع أسّس كهنوت جميع المؤمنين.


شهادة من القديسين القائمين

الحدث الثاني أعجب وأشدّ غموضًا: قيامة كثيرين من القديسين الراقدين. لسنا بحاجة للجدل حول طبيعة أجسادهم أو إن كانوا قد ماتوا ثانية، لكن المهم أن نفهم المغزى.

  • انشقاق الحجاب أثبت أن موت يسوع الكفاري يفتح الطريق إلى الله.

  • قيامة القديسين أثبتت أن قيامته المنتصرة تضمن القيامة النهائية لجميع الذين يموتون فيه، حتى أولئك الذين سبقوا مجيئه.

وقد قدّم المفسر ونهم قراءة بديلة للآية، حيث ينتهي الوقف بعد “تفتّحت القبور” (ع 52)، فيُقرأ هكذا: “انشقّت الصخور، وتفتّحت القبور. وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين. وخرجوا من القبور بعد قيامته.”

بهذا يصبح المعنى أوضح:

  1. موت يسوع على الصليب حقق النصر على الموت.

  2. قيامة المؤمنين، سواء قبل المسيح أو بعده، تعتمد كلّها على انتصار المسيح وحده.

إنها شهادة فريدة تثبت أن يسوع هو حقًا من ادّعى أنه هو، وأن خدمته قد تبرهنت.


شهادة من الأمم

وأخيرًا، الجنود الرومانيون أنفسهم – وهم الذين نفّذوا الصلب – لما رأوا الزلزلة وسائر الأحداث، نطقوا بهذه الشهادة العظمى:
“حقًا كان هذا ابن الله!” (متى 27:54).

لقد رأوا في موته ما يؤكد أنه لم يكن إنسانًا عاديًا. وهذه لحظة لاهوتية فارقة:

  • الله الآب أعلن مرتين أن يسوع هو ابنه (3:17).

  • الشياطين اعترفت به (8:29).

  • يسوع نفسه أقرّ بذلك (11:25-27).

  • التلاميذ اعترفوا به (14:33).

  • مجمع السنهدرين اتخذ هذا الادعاء سببًا لإدانته (26:63).

  • اليهود استخدموه مادةً للسخرية (27:43،40).

لكن هنا، للمرة الأولى، أناس من خارج الجماعة المؤمنة يعترفون جهارًا بهذه الحقيقة.


الخلاصة والدعوة

إذن، السؤال الآن لك:
هل تؤمن أنت أن يسوع هو حقًا ابن الله؟
لكي “تؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم حياة باسمه.” (يوحنا 20:31).

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top